عن جلباب ابي الذي نتزاحم عليه
عن جلباب ابي الذي نتزاحم عليه
قديما كانت المهن تورث ككثير من الاشياء الاخري ..فمن حوالي قرن من الزمان كان الاسكافي يعلم ابناءه الصنعة ليشبوا اسكافيين بدورهم حتي لا تخرج الصنعة من العائلة و هكذا ..فكانت عائلات كاملة في الماضي معروفة بمهنة واحدة لا تتغير فهناك عائلة معروفة بالنجارة و اخري بالحدادة و الي اخره و كان امرا مفروغا منه ان يشب الابناء علي صنعة اباءهم جيل بعد جيل دون تبرم او ضيق فكانت هذة العادة كي لاتنقرض صناعة ما و توسع الامر مع توسع العائلات و تشعبها فكانوا يحرصون علي السكن بجوار بعضهم البعض لتنشأ احياء و مناطق بأكملها معروفة و شهيرة بحرفة ما كحارة النجارين و حارةالخبازين ..كل هذا كان في القرن الماضي او ابعد قليلا
ثم بدأت الشخصيات تنمو و تدخل العلم مع عوامل الحضارة و التقدم الاخري مع قدوم الاحتلال الانجليزي ليتمرد الابناء علي صنعة الاباء و يتمسك البعض بحقهم في العمل بالوظائف و المهن التي يحبونها كل حسب هواه..اينعم قلت الحرف اليدوية شيئا فشيئا لكن في عصرنا هذا بلغت حدها الادني فالكل اصبح الان يري في الحرف اليدوية مهنة معيبة او علي اقل تقدير لا تعطي صاحبها ما تعطيه الشهادات من وجاهة اجتماعية و مظهر لا بأس به حتي و ان كان زائفا فالتعليم اصبح في عصرنا مظهرا في الاساس و من لا يحصل علي شهادة جامعية هوشخص فاشل في نظر الكثيرين ..بعد ان كان الابناء في الماضي البعيد يبدأون بانفسهم في خلق حياة جديدة خاصة بهم ليصنعوا انفسهم بعيدا عن القوالب المعدة لهم و يبحثون عن مجالات عمل جديدة شاقين طريقهم بأنفسهم بعيدا عن المهن المتوارثة من الاباء ..بدأت تلك الظاهرة في الانحسار لتعود من جديد لبلدنا و نحن في الرقن الحادي و العشرين توريث المهن ..فالاباء اصبحوا يريدون ان يسير الابناء علي نفس دربهم و يشتغلوا بنفس المهن ..فالنجار يعلم ابنه صنعته و قد يجعله يترك التعليم من اجلها و الطبيب يريد ان يصبح ابناؤه اطباء بدورهم و هكذا في اغلب المهن و الغريب ان الابناء انفسهم اصبحوا لا يعارضون ذلك او البعض يعارض و لكن لا يملك القدرة النفسية الكاملة لرفضه فيرضخون في النهاية و في حالة اخري الابناء انفسهم هم اكثر الناس حرصا علي البقاء في جلباب ابيهم كي يضمنوا عند التخرج وظيفة و يكونوا علي ثقة في انهم سيجدون فرصة عمل و لن ينضموا الي طابور العاطلين ..فحتي لو كانت لا تتماشي ميولهم و مهنة الاباء فانهم يفضلون التضحية باحلامهم و طموحاتهم مقابل ان يجدوا ضمانا للمستقبل و الا يتعرضوا لخطر البطالة التي زحفت علي شباب مصر فلم يعد احد يصدق و يقتنع بمبدأ النبش في الصخور و شق المستقبل في زمن حتي لو توافرت لديك العزيمة و الات الحفر و النبش ستجد الاف المشاكل و الوساطة و المنافع المتبادلة ليسد الطريق امام الشباب و امام من يستحق ليفسح المجال لمن لا يستحق ..فمن الطبيعي ان يفقد الشباب الثقة في هذا العصر و يصبح امر التوجه بشجاعة للعمل بالمجال الذي ارادوه تجربة خطيرة لا يجرؤ عليها الكثيرون و لا تثبت نجاحها الا نادرا في وقت اصبح العمل في حد ذاته-ايا كان- مشتهي و مطلب عزيز المنال لملايين الخريجين
بالطبع هذا امر غير صحي ..فالرغبة في الحياة و المكوث داخل جلباب الاباء نوع من الذكاء و التحايل علي الظروف الطاحنة لكنها لا تحمل سوي المزيد من رداءة الوضع الراهن لانه قد يولد اطباء كارهين لمهنتهم و مهندسون يودون لو عملوا بوظيفة اخري فلا تفتح المجال للابداع في العمل لان الابداع لا ينتج الا من نفس تحب عملها و لم تجبر عليه
هل هي ردة لايام العربة الحنطور و حارة الاسكافيين و النجاريين في وقت يتسابق فيه العالم علي غزو الفضاء؟
هي امور نسبية علي حسب رؤية من يراها و علي حسب وضعه هل هو خارج الجلباب او من الذين تمردوا و قرروا ان يحفروا بايديهم في صخور الكساد واجدين لانفسهم عاالمهم الخاص و هل نجحوا في ذلك ام فشلوا ..انا شخصيا لا انكر اني دخلت الجلباب ! و اري حول الكثيرين ممن فعلوا المثل لضمان وظبفة المستقبل حتي بت لا اري حولي سوي جلابيب اباء منتفخة بالابناء من تحتها ! ..ولا ار حلا الا التحايل علي الواقع و شق جزءا من الجلباب تخرج منه يدك لتمارس ما تحب.
السؤال حاليا هو هل نحن فعلا في عصر يتيح لك ارتداء جلباب خاص بك ؟ وهل سيتسع الجلباب للمزيد ؟!
قديما كانت المهن تورث ككثير من الاشياء الاخري ..فمن حوالي قرن من الزمان كان الاسكافي يعلم ابناءه الصنعة ليشبوا اسكافيين بدورهم حتي لا تخرج الصنعة من العائلة و هكذا ..فكانت عائلات كاملة في الماضي معروفة بمهنة واحدة لا تتغير فهناك عائلة معروفة بالنجارة و اخري بالحدادة و الي اخره و كان امرا مفروغا منه ان يشب الابناء علي صنعة اباءهم جيل بعد جيل دون تبرم او ضيق فكانت هذة العادة كي لاتنقرض صناعة ما و توسع الامر مع توسع العائلات و تشعبها فكانوا يحرصون علي السكن بجوار بعضهم البعض لتنشأ احياء و مناطق بأكملها معروفة و شهيرة بحرفة ما كحارة النجارين و حارةالخبازين ..كل هذا كان في القرن الماضي او ابعد قليلا
ثم بدأت الشخصيات تنمو و تدخل العلم مع عوامل الحضارة و التقدم الاخري مع قدوم الاحتلال الانجليزي ليتمرد الابناء علي صنعة الاباء و يتمسك البعض بحقهم في العمل بالوظائف و المهن التي يحبونها كل حسب هواه..اينعم قلت الحرف اليدوية شيئا فشيئا لكن في عصرنا هذا بلغت حدها الادني فالكل اصبح الان يري في الحرف اليدوية مهنة معيبة او علي اقل تقدير لا تعطي صاحبها ما تعطيه الشهادات من وجاهة اجتماعية و مظهر لا بأس به حتي و ان كان زائفا فالتعليم اصبح في عصرنا مظهرا في الاساس و من لا يحصل علي شهادة جامعية هوشخص فاشل في نظر الكثيرين ..بعد ان كان الابناء في الماضي البعيد يبدأون بانفسهم في خلق حياة جديدة خاصة بهم ليصنعوا انفسهم بعيدا عن القوالب المعدة لهم و يبحثون عن مجالات عمل جديدة شاقين طريقهم بأنفسهم بعيدا عن المهن المتوارثة من الاباء ..بدأت تلك الظاهرة في الانحسار لتعود من جديد لبلدنا و نحن في الرقن الحادي و العشرين توريث المهن ..فالاباء اصبحوا يريدون ان يسير الابناء علي نفس دربهم و يشتغلوا بنفس المهن ..فالنجار يعلم ابنه صنعته و قد يجعله يترك التعليم من اجلها و الطبيب يريد ان يصبح ابناؤه اطباء بدورهم و هكذا في اغلب المهن و الغريب ان الابناء انفسهم اصبحوا لا يعارضون ذلك او البعض يعارض و لكن لا يملك القدرة النفسية الكاملة لرفضه فيرضخون في النهاية و في حالة اخري الابناء انفسهم هم اكثر الناس حرصا علي البقاء في جلباب ابيهم كي يضمنوا عند التخرج وظيفة و يكونوا علي ثقة في انهم سيجدون فرصة عمل و لن ينضموا الي طابور العاطلين ..فحتي لو كانت لا تتماشي ميولهم و مهنة الاباء فانهم يفضلون التضحية باحلامهم و طموحاتهم مقابل ان يجدوا ضمانا للمستقبل و الا يتعرضوا لخطر البطالة التي زحفت علي شباب مصر فلم يعد احد يصدق و يقتنع بمبدأ النبش في الصخور و شق المستقبل في زمن حتي لو توافرت لديك العزيمة و الات الحفر و النبش ستجد الاف المشاكل و الوساطة و المنافع المتبادلة ليسد الطريق امام الشباب و امام من يستحق ليفسح المجال لمن لا يستحق ..فمن الطبيعي ان يفقد الشباب الثقة في هذا العصر و يصبح امر التوجه بشجاعة للعمل بالمجال الذي ارادوه تجربة خطيرة لا يجرؤ عليها الكثيرون و لا تثبت نجاحها الا نادرا في وقت اصبح العمل في حد ذاته-ايا كان- مشتهي و مطلب عزيز المنال لملايين الخريجين
بالطبع هذا امر غير صحي ..فالرغبة في الحياة و المكوث داخل جلباب الاباء نوع من الذكاء و التحايل علي الظروف الطاحنة لكنها لا تحمل سوي المزيد من رداءة الوضع الراهن لانه قد يولد اطباء كارهين لمهنتهم و مهندسون يودون لو عملوا بوظيفة اخري فلا تفتح المجال للابداع في العمل لان الابداع لا ينتج الا من نفس تحب عملها و لم تجبر عليه
هل هي ردة لايام العربة الحنطور و حارة الاسكافيين و النجاريين في وقت يتسابق فيه العالم علي غزو الفضاء؟
هي امور نسبية علي حسب رؤية من يراها و علي حسب وضعه هل هو خارج الجلباب او من الذين تمردوا و قرروا ان يحفروا بايديهم في صخور الكساد واجدين لانفسهم عاالمهم الخاص و هل نجحوا في ذلك ام فشلوا ..انا شخصيا لا انكر اني دخلت الجلباب ! و اري حول الكثيرين ممن فعلوا المثل لضمان وظبفة المستقبل حتي بت لا اري حولي سوي جلابيب اباء منتفخة بالابناء من تحتها ! ..ولا ار حلا الا التحايل علي الواقع و شق جزءا من الجلباب تخرج منه يدك لتمارس ما تحب.
السؤال حاليا هو هل نحن فعلا في عصر يتيح لك ارتداء جلباب خاص بك ؟ وهل سيتسع الجلباب للمزيد ؟!