كلام

الشارع دة رحنا فيه المدرسة ..اللي باقي منه باقي و اللي مش باقي اتنسي كنسوه الكناسين بالمكنسة بدموعي في لحظة اسي انا برضة كمان نسيت صلاح جاهين

Name:
Location: cairo, Egypt

Monday, May 19, 2008

رجل حر مستقيم

رجل حر..مستقيم

هناك قصة جميلة جدا تروي عن "عمر الخيام" في عام 1072 ميلاديا في الوقت الذي بلغت فيه حضارة الاسلام و العرب حد الرقي و التقدم في شتي مجالات العلم و الادب و الفن وكان "عمر الخيام" عالما قبل ان يكون شاعرا و كعادة اهل عصره برع في اكثر من فرع من فروع العلم من النباتات و الطب و الفلك ..وقد اراد الخيام ان ينتفع الناس بعلومه فاصطحبه احد اصدقائه الي قصر الحاكم – كان الحاكم وقتها يدعي الخان- و لما دخلا سويا رأي" الخيام" القصر يمتلئ بالشعرا الذين اخذ كل واحد منهم يقبل ليعرض علي الخان شعره و يمدحه باشعارو ابيات تصوره تارة كالاسد و تارة كالصقر و الشمس و السماء و كل هذا النفاق الذي نعرفه جميعا و نراه حتي يومنا هذا في كل مكان
..لكن الفارق بينا عصرنا و عصر الخيام ان الخان نفسه شعر بالسأم و كان يعرف ان ما يسمعه رياء فاعلن انه لن يسمع المزيد من هذة الاشعار التي ملّها و لينصرف كل من لا يحمل في جعبته سواها ..فانصرف الجميع و بقيت امرأة القت شعرها و كانت ابات جميلة رقيقة اعجبت "الخيام" بشدة لكن ما لبث ان ذهب اعجابه ادراج الرياح عندما اعلن الخان كعادته في مكافأة الشعراء " لقد تكلمت جيدا ..ليملأ فمك بالذهب"!..و قد وجد "الخيام" المرأة تهرع و تملأ فمها بقطع الذهب و تحاول حشر المزيد داخله حتي كادت تختنق فأخذت الحاشية تضحك من جشعها ,,شعر الخيام بالضيق لما فعلته تلك المرأة بنفسها رغم ان شعرها كان ارقي من ان تهينه لهذة الدرجة
و لما جاء دور "الخيام" اقترب صديقه و اخذ يمدحه امام الخان و يعدد مواهبه قائلا انه اعظم الشعراء و العلماء و اخذ يعدد له فروع العلم التي صال فيها "الخيام" و جال ..ولما علم الخان ان "الخيام" عالما و كان لا يحب مجادلة العلماء لانه يخسر الجدال دائما و لا يقدر علي متابعة حوراهم المبني علي العلم و الادلة و البراهين و التي تضعه دائما في موقف حرج فاعلن فورا قبل ان يسمع اي حرف من "الخيام" ليتجنب مناقسته " اذن ليملأ فمه بالذهب"!
..هنا شعر الخيام بمهانة لا توصف و احتشد الدماء في رأسه غضبا و اشمئزازا منعه من الرد علي الخان و ظل في مكانه حتي تمالك اعصابه من الغيظ و اوضح للخان انه لا يستطيع ان يفعل ذلك لانه صائم و لا يقدر علي وضع اي شيئ داخل فمه ..و كانت هذة المرة الاولي التي يمتنع فيها اي شاعر او عالم عن ملئ فمه بالذهب فاندهش الخان كثير و لم يقتنع بامر صيامه هذا فما الذي اتي به اذن الا لو كان يريد الذهب و ما الذي يأتي اذن و هو صائم؟!
دب الرعب في قلب صديقه و قد ادرك بحكم الصداقة ان "الخيام" غاضبا فأخذ يدفعه في ذارعه كي يعدل عما قاله كيلا يحل غضب الخان عليهم ..استمر الخان يتأمل "الخيام" مليا و هو يفكر بعمق و يحاول ان يحدّجه بنظراته كي يسبر غوره لكن "الخيام" ظل واقفا مهيبا لا يهتز ثم سأله الخان عن السبب الحقيقي في رفضه الذهب و حثه علي الافصاح و لا يخشي علي نفسه منه ..صمت "الخيام" قليلا ثم انشد احدي رباعياته تقول فيما معناه
" ليس الفقر هو ما اتي بي اليك ..فلا يمكن ان تكون فقيرا لو استطعت ان تجعل رغباتك بسيطة
و اني لا انتظر منك شيئا الا ان تكرّمني ..هذا لو كنت تعرف كيف تكرّم رجلا حرا مستقيما"
هنا ران الصمت علي في جنبات القصر و انسحب الكثير من رجال الخان من القاعة خوفا من اثر المواجهة القادمة اثر كلام "الخيام" و كاد صديق "الخيام" يغشي عليه من الرعب و هو يردد " سوّد الله ايامك يا خيام!"
ظل الخان طويلا صامتا لا يتحرك مما زاد من خوف رجاله من خطر غضبته القادمة و في النهاية قام الخان و احتضن "الخيام" قويا ثم اخذه من يده و اجلسه علي العرش بجواره و جعل معلمه و مستشاره
لابد و انك داخلتك نفس المشاعر التي داخلتني لدي قراءتك لهذه القصة ..اول رد فعل لدي كان " لقد كانوا يملئون افواه العلماء بالذهب فيما مضي!!" ..ورغم هذا رأي "الخيام" انها طريقة مهينة و مبتذلة لتكريم عالم لا يقدر علمه و عقله بأي مال او ذهب ..ليته يأتي الينا الان ليري كيف يملئون افواه العلماء في عصرنا هذا لكن اكيد ليس بالذهب ابدا!
وسل عن هذا كل العلماء الذين هاجروا و تركوا البلد من اول د-زويل الي د- الباز لد-مجدي يعقوب لمصطفي مشرفة و غيرهم الكثير و الكثير الذين لم تقدرهم الدولة كما يجب ان يتم تقديرهم و تكريمهم بل ايضا تجاهلت علمهم و وضعت العراقيل الروتينية و البيروقراطية لتجعل حياتهم اكثر صعوبة حتي اصابهم الاحباط و جعلهم يحملون علمهم و يرحلون الي بلاد تقدره حق قدره قبل ان يفقد قيمته
فلقد رأي "الخيام" ان مكافأة الخان بملئ افواه العلماء بالذهب- رغم ان نية الحاكم خالصة في مكافأتهم حقا- هي مهينة لأنه لم يستفد من علمه و لا من فكره فما جدوي الذهب اذن؟!..كذلك "الخيام" لم يكن يريد مالا اصلا فقط كان يرغب ان يستغل الخان علمه و ينميه بماله ليستفيد به الشعب لا ان يستسهل الامرو يكرمه دون افادة او استفادة للناس..وانظر الي شجاعته في توضيح وجهة نظره للحاكم دون وجل ..فلم يجبن او يخشي عقابه طالما انه علي حق ..وقد قالها حرة صريحة في وجهه انه بتلك الطريقة التي يجدها مذلة لا يعرف كيف يكرّم رجلا حرا مستقيما ..فهو لا يملك رغم كل سلطته و سلطانه ان يشتريه او يشتري عقله و علمه حتي و لو بالذهب لأنه كما قال "حرا ..مستقيما"
فالحر لا احد يبتاعه.. و المستقيم لا تغريه اي اموال او مجوهرات ..فقط كل ما يعنيه هو عقله و روحه التي لم تتلوث ..والتي لا يخشي امامهما اي خان او سلطة حاكم ..ولو تأملت موقف تلك المرأة التي كان شعرها جميلا انقي من ان تلوثه و تهدر كرامته امام بريق الذهب ..تراها بكثرة في حياتنا الحالية فكثيرين يعميهم بريق الذهب عن احترام كرامتهم فيروقون دماءها علي اعتبة الملوك و الحكام طمعا في الثراء و التقرب للسلطة في اوضح صورة للنفاق تراها و تحياها بكثرة تكاد تطبق علي انفاسك ..فهؤلاء فعلا يستحقون الشفقة رغم ما يثيرون في نفسك من اشمئزاز فلقد تشفق علي كرامتهم التي اهدروها و علمهم الذي ذبحوه من اجل ثمن بخس سرعان ما يتبخر و يذهب و يتبقي لهم الشعور بالخزي بعده
..والذي اثار اعجابي في موقف الحاكم رغم استيائي الشديد لطريقه تكريمه المبتذلة للعلماء و الشعراء الا انه في النهاية لم يغضب مما قاله "الخيام" و لم تعميه سلطته و نفاق حاشيته له عن رؤية الحقيقة كما يحدث الان ..بل تروّي و تأمل فيما قاله الخيام فرآه علي حق و اعترف بخطئه له وعانقه ليعتذر بل و وجعله مستشاره الذي يعود اليه كي يتعلم نه و يستقي منه معلوماته ..هذا من النادر ان تراه ان لم يكن مستحيلا ..فنادرا ما تري حاكما يتواضع لأي شخص حتي لو كان عالما و نادرا ما تجده يستعين باحد في حكمه و يعترف بقصر معلوماته ليعود الي احد العلماء يستعين بهم ليعرف رأي العلم في احد الامور لأن رياء من حوله قد يجعله يصل لدرجة ان يتصور نفسه اعلم العلماء الذي لا يملك احد مهما كثر علمه و غزر فكره ان يصل الي حكمته و نبوغه ..و لهذا وصلنا الي حالنا الحالي بينما كان العرب و المسلمون قديما في قمة مجدهم العلمي و الاقتصادي و الادبي و الفني ..لان كل شخص عرف قدراته و احترمها و لم يمنعه غروره مهما علا منصبه من الاستعانة بمن هو اعلم منه ليستزيد علما و هذا ما دفعهم لصنع حضارة حقيقية
فانظر حولك الآن لما آل اليه حالنا و تمنّ معي ان نجد واحدا اخر كالخيام ...رجل حر ..مستقيم

7 Comments:

Blogger أحمد said...

الحقيقة القصة بتاعت الخيام دى بضان جدا
وانا شايف انها حركة من حركات المعتادة للنصب على الملوك والناس اللى معاهم فلوس
ودا طبعا بصراحة لا يقلل ابدا من قيمة الخيام

5:06 AM  
Anonymous Anonymous said...

الله
حلو جدااااااااااااااااا

رااااااااائع يا بنتى

1:19 AM  
Blogger H. M. H. said...

إن من أسوأ ما يضطر إليه العلماء الوقوف على أبواب الأمراء، فمال السلطان ملعون، وقرب السلطان هجر العالم لعلمه، وغضب السلطان ضياع حياته.
ملئ الأفواه بالذهب ليس علامة تكريمٍ أبداً، بل احتقاراً فظيعاً من جانب السلطان لكل أرباب العقل. إنه يحشو أفواههم ذهباً لأنهم وإن كانوا يستخدمونها في نطق الحسن، فإنهم مستعدون لحشوها بالذهب كالكلاب عند قدميه.
هذه القصة موجودة في كتاب "سمرقند" تقريباً، وفيها تفصيل للحدث. على أي حال، تبقى الفكرة نفسها. أن الخيام كان رجلاً حراً مستقيما.

9:27 AM  
Blogger Rain_Drops said...

القصة جميلة فعلا مع إني أشك إنها حقيقية
ممكن تندهشي لو عرفتي إن الخيام فضل يتصرفله مرتب شهري من قصر نظام الملك معظم عمره تقريبا ! بس على أي حال هنعتبر الخيام رجل حر و مستقيم
عشان خاطرك انتي بس

9:56 AM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

احمد
القصة قد تكون حقيقية او ربما تكون شابهها بعض الاضافة الدرامية لكن المؤكد عن حياة الخيام انه لم يكن من حواري السلاطين او يطمع الي مال من اجل مصلحة ذاتية فهو لم يقم بمدح سلكان او حاكم طمعا في مال انما كان اهتمامه الاول و الاخير هو علمه و ابحاثه علي عكس ما نري الان من المطبلين و المنشدين بحكمة الحاكم و صفاته التي تكاد تصل للالوهية!




المجهول
شكرا يا فندم متشكرين خااااااااااااالص!

11:59 PM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

h.m.h
ليس اسوأ فحسب بل هي درجة من الانحطاط الانساني تصل به الي فعل افظع الاشياء دون خجل او حتي وخز ضمير..فانا دائما ما افكر كيف يري المنافقين انفسهم و هم يعلمون انهم اراقوا دماء كرامتهم من اجل حفنة جنيهات يلقيها لهم الحاكم ليجروا بها لاهثين
الاقصوصة بالفعل من رواية سمر قند ترجمت الموقف كما كان بالرواية الاصلية لامين معلوف
بخصوص ملئ الحاكم لافواه العلماء بالذهب لم يكن شرا او استهانة خالصة منههم انما كانت طريقة ممجوجة من حاكم لتكريم علمائه لانه لم يعتاد سوي علي مثل هذة الطريقة لان العلماء هم من ارتضوا لانفسهم هذة الطريقة المهينة و لذلك فهو لم يفهم سر مجيئ الخيام له ان لم يكن من اجل الذهب!
شكرا للمرور

12:08 AM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

rain_drops
فعلا الخيام كان يصرف له راتب سنوي في عهد حكم نظاام الملك و لكن ليس الامر كما يدور حاليا حيث كان هذا لا يعد شيئا غريبا او يثير الشك في نية العالم في ذلك العصر لانه كان عصر يحتفي حقا بالعلماء
لكن لابد ان يكون هناك المنافقين الذين لا يجدون غضاضة في تحويل علمهم و فنهم الي صورة اخري من تأليه الحاكم لمجرد ان يحظوا بما يلقي لهم من اموال في مقابل ذلك لكن الثابت تاريخيا ان الخيام لم يقم بذلك فهو لم يمدح ابدا واليا او سلطانا طمعا في مالا او منصب انما خصص له المبلغ السنوي كي يتفرغ لابحاثه و علمه فهو كان عالما قبل ان يكون شاعرا هو من اخترع طريقة حشاب المثلثات..فكان يصرف له هذا المبلغ كي يؤمن له حياة مستقرة تجعله يتفرغ لعلمه دون ان ينشغل في البحث عما يقتاط به..واري ان هذا ما ينبغي ان يتم تكريما لللعلماء فلابد ان يصرف لهم ما يساعدهم علي تنمية ابحاثهم و لكن بالطبع الاموال لا تصرف في هذا الزمن سوي لمن يهلل للحاكم و يترنم بحكمته كالدراويش
شكرا لمرورك

12:15 AM  

Post a Comment

<< Home