كلام

الشارع دة رحنا فيه المدرسة ..اللي باقي منه باقي و اللي مش باقي اتنسي كنسوه الكناسين بالمكنسة بدموعي في لحظة اسي انا برضة كمان نسيت صلاح جاهين

Name:
Location: cairo, Egypt

Monday, June 16, 2008

احمر..اصفر..اخضر!

احمر..اصفر..اخضر..!

اذا اردت ان تري التناقض الذي نعيشه في اعلي صوره و اشكاله و اذا اردت ان تلمس بنفسك الاختلاف الشاسع بين الطبقات و التباين الواضح كالخيط الشاذ في ثوب اوشك ان يصبح ثوب مهرج فعليك بالتأمل في اشارات المرور! و بما اننا كمصريين نقضي في اشارات المرور ربع حياتنا تقريبا فسيتاح لك الوقت الكافي للتفرس في الوجوه و تأمل الحال المصري
في بداية عهدي بالقيادة كنت اتوقف باشارات المرور اكثر مما اقود السيارة! حيث اني كنت اتشبث بمقود السيارة كأنه طوق النجاة و كأن حياتي تتعلق بوجوده! و كثيرا ما كانت الاضواء تنتقل من الاحمر للاصفر و تعود للاحمر مرة اخري و انا مازلت ممسكة بالمقود احاول ترتيب افكاري لاكمل التعليمات حتي تتغير الالوان للمرة الثانية و اكون قمت بالترتيبات اللازمة المعقدة من نقل ذراع السرعات للاول و التحرك مصاحبة بالطبع بسباب- اقصد تشجيع!- السادة السائقين من خلفي و احتفائهم الشديد بي و الذي يدل عليه كم الزمامير التي تهنئني علي التحرك اخيرا! لهذا كان وقت الانتظار العظيم باشارات المرور في مصر هو من اطول الاوقات التي تمر علي و مازال كذلك حتي الان للازدحام المرعب الذي يزداد يوما بعد يوم و هكذا صار الانتظار –حتي مع تحركي بسرعة هذة الايام!- جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية سواء لتعطل المرور لانفجار احد مواسير المياة او لمرور احد المسئولين "المهمين" عندما يقرر التجوال فيتعين عليك الانتظار ريثما ينهي جولته باستمتاع! ..بدأت بالتعود علي هذة المقائق الطويلة و اشغل نفسي اثنائها بالتأمل ..واكتشفت ان افضل مكان تري فيه التطورات التي تلحق بمجتمعنا بشكل سريع متلاحق و تري فيها العربات الفخمة الفارهة التي لا تدري من اين تأتي هذة الاشياء! و التي لا يظهر وجه سائقها لان هناك حاجزا من الزجاج الفيميه السميك الذي يحجبه عن كل الصخب و الضجيج و التلوث بالخارج ..وتجده مجاورا تماما لبائعي الفل الذين اصابتهم طول ساعات السير و الوقوف بالاشارات بالام في اقدامهم تجعلهم يسيرون بثقل احيانا يقرعون زجاج السيارات فاما يفتح لهم او ينتقلوا لسيارة اخري ..وتجد شابا قد يكون من حملة شهادات عليا و لم يجدوا امامهم سوي السير في اشارات المرور لعرض بضائعهم كيلا يهلكوا جوعا بانتظار وظيفة لا تأتي ..اخجل من نفسي كثيرا حين اجد احدهم يقترب و يعرض علي بضاعته و اشعر بالخجل و انا لا املك له اي امل في تحسين وضعه حتي ولو ابتعت كل ما معه من بضاعة ..اما ما يؤلمني و يشعرني بالخزي عندما يضطر احد الرجال المحترمين ان يرتدي طرطورا و يلبس ذلك القناع المضحك لرجل ذو شنب متحرك و عوينات سميكة و يقترب من السيارات يلح علي سائقيها للشراء.. فاكاد ابكي عندما اراه مضطرا ان يظهر بهذا المظهر المضحك رغم كبر سنه حتي يحصل علي جنيهات قليلة يطعم بها اطفاله كي يعود لهم ليلا
..وتكاد تبكي و انت تري هرولة ذلك الشيخ الطاعن في السن بما يحمله من صحف و مجلات يبيعها ليخرج مسرعا من قلب السيارات المتراصة حين تفتح الاشارة فجأة ثم يصيبه الخوف و الخجل عندما يسمع اصوات ابواق السيارات تزمجر له كي يبتعد مسرعا لتصدمه سيارة شاب في كتفه فيتساقط ما بيده علي الارض ..ويبدو كأنه اعتاد ذلك فينهض من جديد و يلملم اشياءه القليلة و ينتظر علي الرصيف ليعاود الكرة من جديد
كذلك اشارات المرور هي مسرح لاحداث النصب احيانا و يبدو ان هناك امارات ما علي وجهي تجعلني ضحيتها الدائمة! فمرات كثيرة يلح احدهم لبيع معطر جو فابتاعه منه ثم يبدو ان هناك شيئا ما يجذبه لامثالي فيلح كي ابتاع ثلاثة اخرين بسعر اثنتين! فابتاعهم و اعود للمنزل لافتح علبة الفواحة فاجدها عبارة عن صابون سائل كريه الرائحة!
وتطور الامر في الاشارات كل يوم فبدأت موضة اللصوص التائبين الذين يمسكون باحدي قصاصات الصحف يلصقها علي الزجاج و يقذف في حجرك بثلاث شرائط دينية لدعاة مجهولين كأمر واقع و لاجبارك علي الشراء ! ثم يبدأ في رواية قصة حياته و انه كان لصا لكنه عاهد الله علي التوبة بعد خروجه من السجن و يشير الي قصاصة الصحيفة بفخر "انا اللص التائب اهو"! و لابد ان تبتاع منه و الا ستكون سببا في عودته للصوصية و الجريمة مرة اخري !
اما اكثر من يثير غيظي هم الباعة الذين يمسكون ببعض الايات القرآنية ليبيعوا سورة "يس" او "الفاتحة" بجنيه او ربما بنصف جنيه! فعندها اكاد انفجر غضبا لكل هذة الاستهانة بالقرآن الكريم و جعله سلعة تباع و تشتري
و تجد نفسك تتأمل السلوكيات المختلفة لسائقي الميكروباصات و ارغامهم علي جعلك تستمع معهم الي الاغاني البديعة لمرضي الحنجرة ضلوا طريقم الي شريط كاسيت !و سبابهم البذيء و تحرشهم بالجميع كي ينطلقوا اولا و ثقافة الانانية و السوقية التي استشرت حاليا
و اذا ما كنت تقف تنتظر علي الرصيف بانتظار اللون الاحمر لتتوقف السيارات و تعبر مع المشاة حتي لا تلقي حتفك مع المغامرين الاخرين فانك لابد و ستقابل شخصا يقترب منك حسن الهندام لا يظهر عليه اي ضيق حال يحني رأسه فتحني انت ايضا رأسك لا شعوريا! ثم تجدها سيدة فقدت حافظة نقودها و هي تحتاج بضع جنيهات لتعود الي منزلها ..ويتكرر هذا الموقف باساليب عديدة و تنويعات اكثر عددا ..فتارة هو طالب يريد العودة الي بلدته ولا يجد المال الكافي بعد ضياع حافظة نقوده.. وتارة هي فتاة نفذت نقودها و كالعادة تريد العودة الي منزلها!.. مما يدفعك للشك احيانا في صدق ما تسمع لتكراره بهذة الصورة لكنك لا تملك سوي ان تساعدهم لما آل اليه حال البلد ..فالجميع حقا لا يجدون ما يعودون به الي منازلهم!
الغريب اثناء استقلالي لاحدي سيارات الاجرة و توقفت في اشارة شهيرة و اثناء توقفنا مر بائع الفل الذي كنت اراه منذ كنت طفلة كما هو بجلبابه الابيض و حجمه الضخم لم يتغير و لم يترك الاشارة ليذهب الي اخري و مازال يبيع الفل ..فجأة اسمع سائق التاكسي و هو يشير الي الرجل موضحا ان له زبائنه الذين يعرفونه و يعرفهم.. ثم صمت ظنا انه بتلك التورية فهمت ما يقصد! لكنه اضاف من جديد ان الرجل يمد يده داخل السيارة يضع عقد الفل حول المرآة و يسقط في يد الزبون لفافة مخدرات! و يعطيه الزبون الثمن ..ثمن عقد الفل بالطبع! ..صعقت مما سمعت و اخذت افكر في رعب عما يضمه هذا العالم الغريب الذي لا يحكمه احد
..ولكن دائما ما ينتقل اللون الاحمر للاخضر ..ودائما ما تنطلق السيارات و ينتظر الباعة اللون الاحمر من جديد.. و هكذا تسير الحياة في بلدنا ..تناقض غريب ..وتباين اغرب ..وهوة تزداد و تتسع لتصبح اخدودا بين طبقات الشعب ..تزداد السيارات الفارهة ..ويزداد عدد العجائز الذين بالكاد يدفعون ارجلهم للسير ليبيعوا سميطا او مناديل لعلهم يشبعوا ابناءهم قبل نومهم..ويزداد الرجال و الشباب الذين يرتدون اقنعة مضحكة ليبيعوها بوجوه حزينة متألمة
وهكذا صار حالنا ..تكاد تراه كثوب مرقع باقمشة متعددة و الوان متنافرة تماما كلون اشارة المرور ..احمر ..اصفر ..اخضر
!

11 Comments:

Blogger karakib said...

هزيمة
بلا
حرب

4:43 AM  
Anonymous Anonymous said...

الظاهر ان الاجازة لها مفعولها

طبعا رائع كالعادة

9:23 AM  
Anonymous Anonymous said...

sarsourti miss u b darawa m3a eni lessa afla m3aki w kaman lessa chyfin b3d el nahardaa tftkri da mn eh????

1:35 PM  
Blogger No Fear said...

السلام عليكم
ده فيلم
مش أحمر أصفر أخضر

4:37 AM  
Blogger سندباد مصري said...

..فالجميع حقا لا يجدون ما يعودون به الي منازلهم

أعجبتني الجملة كثيرا

مبروك العربية

وتحياتي

4:48 AM  
Blogger youssef said...

مش عاوز تعليق كلامك اللي لقط تخمة من الظواهر و المشاهد الرهيبة أصبحت طبيعية في حياتنا .. تطورات في أخلاق و افكار و تناقضات و ........... ايه و لا ايه

اوضاع و ناس كتير من اللي بتشوفيهم و حكيتي عنهم بتحيرني و تجبرني ساعات افكر بلا هدف و لا فايدة مسئولية مين الاوضاع دي هم و لا اصحاب العربيات الفارهة و لا ظروف اكبر و لا مفييييييش ؟؟!! .. و اهو كله مش مهم

رغم التناقضات و الاختلافات .. بيتهيالي لون رمادي باهت بيغلف كل الواننا و ايامنا علي اختلافها .. و يخليها كلها من غير طعم و لا لون و لا ريحة

لك التحية

6:35 AM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

كراكيب
مش بس بلا حرب لا دة احنا كمانالي بنحارب نفسنا




المجهول
الاجازة جميلة طبعا!..كنا قربنا ننساها بتبقي عاملة ازاي..اللهم دمها نعمة و احفظها من الزوال!

11:41 PM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

basbousty
وانا كمان و الله..بقي ادمان علي فكرة..لازم مكالمة الصبح و الا معرفش اكمل اليوم
besame



no fear
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته

فيلم رعبي سادي للاسف

11:43 PM  
Blogger sarah la tulipe rose said...

سندباد مصري
جملة حقيقية للاسف..اغلب المصريين قربوا من خط الفقر و نصهم تخطاه و الباقي فيالطابور مستني دوره
العربية مش بتاعتي طبعا! بتاعة والدي!



يوسف
بالفعل هي مشئولية مشتركة بين الجميع..مش المفروض نرمي بالمسئولية علي الحكومة لاننا ساهمنا فيحاجات كتير معاها اهمها اننا بصمتنا هي لسه موجودة و بصمتنا الاوضاع حتفضل موجودة و حتسوء
مرسي للمرور

11:45 PM  
Blogger إنسان || Human said...

فعلاً الإشارة دي مشكله كبيره ...هي عبارة عن نموذج مصغر جداً للحياة في مصر عموماً ...؟

7:16 PM  
Blogger سلطان الغرام said...

كتبتي بين هذا وذاك ولكن

اين انتي


يا حياتي من هذا

اتهربيت ام...........تنتظرين
ام مثلنا مشتاقه
.....ولكن لا تعرفين

3:28 AM  

Post a Comment

<< Home