كلام

الشارع دة رحنا فيه المدرسة ..اللي باقي منه باقي و اللي مش باقي اتنسي كنسوه الكناسين بالمكنسة بدموعي في لحظة اسي انا برضة كمان نسيت صلاح جاهين

Name:
Location: cairo, Egypt

Wednesday, December 26, 2007

ياريتني بيضة و عندي ضب!

"يا ريتني كنت بيضة و عندي ضب"!!

لدينا المصريين حساسية وحرج تجاه لون البشرة الاسمر و كلما اصبح اللون داكنا كلما زاد الحرج ..فاللون الخمري او الاسمر يعطيهم احساس بالضيق قد يصل الي حد الاحساس بالعار لدي بعض الناس
فلا شك انك قابلت بعض العبارات من نوعية .." لا دي وحشة اصلها سمرة!" ..فالجمال لدي المصريين صار مقترنا كثيرا بالبياض بغض النظر عن الملامح فحتي لو كان الشخص وسيم الملامح لكنه اسمر فان هذة الخطيئة الكبري لا يمكن غفرانها له و بغض النظر ايضا عن الجمال الداخلي و جمال الروح فكثير يرون ان تلك العبارات مجرد كلام لا يسمن و لا يغني من جوع و لا محل له من الاعراب فالغالب الان علي التفكير المجتمعي هو الجمال الخارجي و الذي حتما مقترنا ببياض البشرة
الغريب ان مع تعصب المصريين لذوي البشرة البيضاء تري ان اصل العرق المصري هو سمار البشرة !
فاجدادنا الفراعنة كلهم سمر الوجوه و يري ذلك واضاحا علي النقوش الملونة التي تركها اجدادنا منذ اكثر من 6 الالف عام و تبرز بكل وضوح انهم كانوا من اصحاب البشرة السمراء و بل و الداكنة ايضا..و الاغرب ان معظم المصريين اصلا من ذوي البشرة السمراء!
فالصعيد بأكمله و هو يشكل مساحة كبيرة من مصر الي جانب الكثير من سكان العاصمة يتمتعون ببشرة سمراء خمرية ..فالقليل فقط بالنسبة للمصريين من ذوي البشرة البيضاء و رغم ذلك تجد نوعا غريبا من الحساسية الشديدة لدي المصريين تجاه لون بشرتهم..فالسمر يجدون حرجا من لونهم – بلا اي سبب واضح- و يتمنون لو كانوا اكثر بياضا ..و لك ان تتأكد من ذلك من خلال كمية الاعلانات عن كريمات التفتيح و التبييض و التشقير المنتشرة حاليا و التي رغم ما بذله الاطباء من جهد و صراخ لتوضيح خطورتها علي الجلد قد تصل لدرجة الاصابة بالسرطان الا انها تجد رواجا شديدا
فالاعلانات كلها تروج لذات الفكرة ..ان الجمال مرتبط ارتباطا لصيقا ببياض البشرة و كأنهم توأم ملتصق فهذا الاعلان المعروف عن احدي الفتيات التي تتقدم للعمل فترفض لان بشرتها غامقة اللون!..فتعود منكسرة لتستخدم كريم التفتيح المعجزة الذي يحول لون بشرتها و يغير من جيناتها و من تركيز صبغة الميلانين بجلدها خلال اسابيع – و هو محض هراء طبعا!- لتصبح فتاة بيضاء تجذب الانظار و تحظي بفرصة العمل!..
و غيرها من الاعلانات علي نفس الوتيرة كله يدور حول تعاسة الفتاة و حظها السيئ لكونها سمراء و بعد استخدامها للكريم المعلن عنه تصبح بيضاء سعيدة ممشوقة القوام ساحرة الالباب!!
مما يدلك ان تلك الفكرة المسطحة تجد رواجا و صدي نفسي واسع لدي المشاهدين ...فخلال فترة تدريبي بالصيدلية لك ان تقوم بعد كمية كريمات التفتيح التي يبتاعها الناس خاصة بعد مشاهدتهم لتلك الاعلانات و الكل يتطلع الي صورة الفتاة المتحولة لبيضاء اللون و قد اصبحت تطير من الفرح و كأنها ايقونة عن السعادة!..فكل من ابتاع العبوة- و لاحظ انهم من كل الاعمار حتي الاطفال!- تتخيل انها فور فتح الغطاء ستفتح لها مغارة علي بابا و تطرق السعادة بابها و نافذتها ايضا – و من يدري من قد يطرق الباب ايضا !- وتحظي بكل ما حلمت به و بالطبع هذا لاا يحدث مما يصيبها باكتئاب مضاعف !
فمخرجي الاعلانات عرفوا تلك العقدة في نفوس المصريين و لعبوا عليها جيدا ضامنيين ان مجرد الاشارة و التلويح براية بياض البشرة ستروج بضاعتهم حتي لو كانت لبن العصفور الذي اصابه انفلونزا الطيور !
كذلك تجد ان الامر متوغل في عقلية المصريين منذ القدم فهناك امثلة عديدة تمجد البشرة البيضاء و تذم ذما سيئا في البشرة السمراء انتقي اخف تلك الامثال حدة لان اغلبها تمنعه الرقابة!
" ياريتني كنت بيضة و عندي ضب..اصل البياض عند الرجال يتحب!!"
المثل ابلغ دليل علي وجود تلك العقدة في نفوس الكثيرين رغم ان المصري اساسا معروفا بسمار البشرة التي دائما ما يتغني بها و انها تشبه لون الطمي و تربة النيل السمراء لكنه كلام اغاني فقط انما بداخل النفوس تبقي البشرة البيضاء لها مكانة ما
السبب في هذا الاحساس بالحرج من لون البشرة قد يكون معروفا لو توغل الانسان في علوم النفس البشرية ليتساءل عن الدافع الذي يجعل المرء يخجل من لونه.. الا لو كان خللا داخل الشخصية و انعدام للثقة تجعله يحصر كل اهتمامه و تقديره لغلافه الخارجي الذي يراه هو قيمته الاساية و ما عدا ذلك لا معني له.
كان هناك برنامج اعدته احدي الفتيات في امريكا كانت تسأل كل طفل و طفلة عن العروسة التي يحبها – كانت تخيرهم بين عروسة بيضاء و اخري سمراء – فالكل كان يختار البيضاء و لما كانت تسأل عن السبب فكان الرد بمنتهي الطلقائية ..لانها بيضاء!.. فحتي الاطفال ترسخ لديهم ذلك المفهوم و تسرب لعقلهم الباطن دون اي وعي .
.فهل حقا كلامنا عن الجمال الداخلي له محل من الاعراب اذن؟ ام هو مجرد شعار اجوف نردده كي نتظاهر بالعمق بينما الحقيقة هي ان السطحية باغت مداها منا؟..و هل يحمل كل منا بذرة التعصب للون داخله حتي لو تظاهر بالعكس؟..و كم فردا يشعر حقا بالضيق احيانا و يتمني لو صار اكثر بياضا ..و الا فما تفسير كم الاعلانات عن كريمات التفتيح و هذا الاقبال الشديد عليها؟..يبدو اننا بحاجة لنظرة داخلية مرة اخري و اعادة صياغة العقول من جديد كي تكف عن ترديد حملة الجمال الداخلي دون الايمان بها و دون ان نفهمها حق فهما انما لمجرد الرغبة في الظهوربمظهرالعمق