خلاقة ام عبثية ؟
الفوضي الخلاقة التي صدّعت بها امريكا راس العرب و عن حتمية تغيير سياسة بعض الدول العربية و الاسلامية التي لا تتماشي مع وجهة نظر المحافظين الجدد في الادارة الامريكية و الحديث الممل الذي لا ينتهي و الذي يكرره بوش للعرب و تردده من خلفه وزيرة خارجيته الليدي كوندي عن حتمية العمل علي ارساء قواعد الديموقراطية الامريكية في البلاد العربية التي يزرح شعبها تحت دكتاتورية حكامه و طبعا ليست كل الدول العربية فقط الدول التي لا تذعن للاوامر الامريكواسرائيلية هي التي يحل عليها اللعنة و الغضب الامريكي ويتحتم عليها ايجاد الفوضي الخلاقة كما في العراق بزعم ان هذة الفوضي سوف تسهم في تحسين الوضع فيما بعد و سوف تقوم بارساء الدعائم لمجتمع (ديموقراطي!) و حر .طبعا كلام جميل جدا و لكن و الان و بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات علي احتلال العراق و دق الطبول الامريكية المبشرة بالحرية لم يظهر لنا سوي الفوضي العبثية او الفوضي العدمية التي تحدث عنها العبقري دستويفسكي في روايته"الممسوسون" فهي لا تهدف الا للفوضي في حد ذاتها الرغبة في التحطيم و التدمير التي افرزتها السنوات الطويلة من القهر تحت حكم صدام حسين ثم زادها اكتشاف العراقيين ان امريكا ليست المخلص فهي ليست الا لصا جاء يسطو علي ابار البترول و لن يرحل من العراق الا بعد ان يمتصه حتي الثمالة تاركا اياه يتدبر اموره بنفسه و يعيش فوضته الخلاقة فولّد ذلك لدي الكثير من العراقيين شعورا بانهم عليهم ان يجعلوا ايام الاستعمار جحيما للامريكان و هو فعلا ما يتحتم عليهم فعله لكنهم يحيلون معها حياة العراقيين جحيما ايضا
فحين تختلط المفاهيم و تتهوه المعاني و المبادئ يصبح كل شيء مباح فلا رادع و لا وازع من ضمير و يقوم كل فرد بما يراه صحيحا من وجهة نظره فمن يفجر سوقا يري في ذلك هدفا اسمي من مجرد قتل الابرياء و هو افساد الحياة علي الاستعمار لكنهم لا يدري او لعله يدري ان الامريكان لن تهتز لهم شعرة حتي لو احترق العراق باكمله و لكنهم سيقيموا الدنيا و لن يقعدوها لو طال الحريق ابار الحريق عندها سنعود لسماع اسطوانه محاربة الارهاب و بالتالي عندما تسود الفوضي و يصبح العبث هو الملك في ارض الخراب فيأتي اخرون عملاء للاستعمار او شبابا مرّوا بعملية غسيل للمخ ليزيدوها خرابا من منطلق ان مزيد من الخراب و الفوضي لن يحدث فارقا عظيما " ما هي خربانه خربانه" الي جانب ان الحالة العامة من الفوضي قد اتاحت فرصة ذهبية لشريحة كبيرة من المرضي بالسادية المولعين بتعذيب الاخرين فيضيفوا الي الاحتلال معاناة ان تحيا يومك تتلفت حولك و لا تدري هل سينتهي اليوم برصاصة في راسك ام بقذيفة موجهة لبيتك ..قديما سمعت اغنية اول مرة اسمعها لمحمد فؤاد تلخص الموقف بعبقرية عاميه " نفسي اكسر كل حاجة ..الحقيقة و .. و الادب ..و الجنون يبقي القانون ..و الدمار للكون دة حل"
لكن اذا كانت الادارة الامريكية مغرمة لهذه الدرجة بموضوع الفوضي الخلاقة كما تدعوها فلماذا لا تقم بتجربتها في بلدها اليست هي احق واولي ببنات افكارها ؟!و نحن من جانبنا نعدهم لو نجحت التجربة لديهم اننا سنحاول تعميمها فقط عليها ان تثبت شجاعتها و تحظي بشرف التجريب العملي لهذه النظرية العظيمة!! و لتتبع في منهجها الفوضوي خطوات رواية دوستويفسكي و رواية " الرجل الذي كان الخميس" لتشسترتون فذلك سيوفر عليهم الكثير و يعد سيناريو جاهز للفوضي كما يجب ان تكون! و لتبدا الادارة الامريكية في اشعال نار فوضتها الخلاقة في انحاء المجتمع الامريكي "ما هو طباخ السم لازم يدوقه"