كلام

الشارع دة رحنا فيه المدرسة ..اللي باقي منه باقي و اللي مش باقي اتنسي كنسوه الكناسين بالمكنسة بدموعي في لحظة اسي انا برضة كمان نسيت صلاح جاهين

Name:
Location: cairo, Egypt

Saturday, October 25, 2008

ابتسام و بسيمة و سرور ومسرات!!ء

ابتسام و بسيمة و سرور و مسرّات!
يمتلك المرء احيانا مخزونا من الذكريات يتم تصنيفها تحت بند الذكريات المخجلة! و يكفي تذكرها اثناء اشد ساعات النهار زحاما لتبعث ضحكة عابثة ماكرة علي شفتيك تحاول جاهدا ان تكتمها كيلا يلحظها من حولك..كنت و صديقتي الحبيبة اثناء مرحلة الثانوية نجلس لساعات طويلة ليس للاستذكار بالطبع انما للثرثرة اللامعقولة و التي كانت كفيلة بتسجيلنا في موسوعة "جينيس" للارقام القياسية! و كعادة البنات في مثل هذة المرحلة العمرية يدور الحديث عن المستقبل في صورته الساذجة المفروشة بالورود و السعادة و مواصفات فارس الاحلام الرومانسية و احلامنا المثالية لمستقبل براق لا يوجد سوي في خيالنا فقط..
في احدي المرات اثناء حديثنا المرح قررنا ان كل واحدة منا ستنجب ولدا و بنتا في المستقبل! نعم كان هذا قرارا لا رجعة فيه ! و بلغ بنا الشطط في الخيال ان الابناء لابد و ان يحملوا اسماءا بها اشتقاق من اسامينا..فقررت هي ان تطلق علي ابنائها في المستقبل"سرور" و "مسرّات" كي يكونا من نفس اشتقاق اسمي و بالمثل قررت ان اسمي ابنائي الذين في علم الغيب "ابتسام" و "بسيمة" ليكونا من اشتقاق اسم صديقتي "بسمة" !
و كنا نخطط لمستقبل الابناء كيف ستكون ملامحهم و في بعض الاحيان كانوا سمر الوجوه ..وفي حديث اخر يتحولوا الي اصحاب بشرة بيضاء .وفي رواية اخري يصبحوا ذوي شعور حمراء غجرية!
ومرت الثانوية العامة و لم تفلح صدمتها في افاقتنا من هذة الطفولة المتأخرة و احلام المستقبل الزاهي المثالي هذا!..بل و رغم ان زميلاتنا و صديقاتنا باتوا اكثر واقعية و تفكيرهن صار منهجيا عمليا ..ظللنا نحن نتمازح دائما في محادثتنا عما ادخرناه من اشياء جديدة لمستقبل الانجال!
فتارة يتفتق ذهني انه لابد ان تتعلم "بسيمة" السباحة و تارة يتفتق ذهنها ان "سرور" لابد ان يكون اكبرهم في العمر كي يتزوج" بسيمة"! نعم فلقد كبر الاطفال و زوجناهم ايضا و كل ذلك علي ارض خيالنا الخصب!..وعندما تفشل احدي محاولاتنا الفاشلة في الخروج سويا خاصة بالليل بحكم تاء التأنيث في اسمائنا و التي في مجتمعنا الشرقي تضع القيود علي الحرية..فكان يستبد بنا الغضب حين نري اخوتنا الذكور جعلوا الشارع لهم مأوي و نحن قابعتان في المنزل فنقرر حينها ان نعاقب الابناء الذكور في المستقبل! و نقرر ان الفتيات سيصبحن متساويات في الحقوق مع اشقائهن الذكور بل و سنجبر الذكور علي المساعدة في اعمال المنزل!
اما الاكثر خجلا هو ما يحدث لنا حين نمر امام محلات لعب الاطفال و ما يصيبنا من بلاهة و تسمر في المكان بعيون مذهولة تبتلع كل هذا الكم الهائل من الالعاب..و السر الخطير الذي نخفيه عن الجميع كي تظل صورتنا الناضجة الوقورة ..وهو عشقنا للعروسة " الكورونبة" ! تلك العروسة بشكلها الطفولي البرئ و وجهه "المكلبظ" الودود و ضحكتها الرائعة..وكان مولد ابن اختي بمثابة طوق النجاة لي حيث صار من حقي العبث بالالعاب و العرائس داخل المحل دون خجل بحجة اني اريد ابتياعها له!
هكذا مرت سنوات جميلة من الاحلام الساذجة اشعر بالامتنان لله اني عشتها ..حتي فوجئنا اننا كبرنا و اصبحنا في عامنا الرابع من الكلية و مازلنا نحلم بعرائس الكورونبة و الشكولاتة! ..وادركت صديقتي انه يفصلها شهور معدودة علي خوضها معترك العمل..واني عما قريب سألحق بها بعد عام واحد لا اكثر..فأدركنا انه حان الوقت لإزاحة هذة المشاغل العظيمة جانبا رغم اهميتها الشديدة !
وفي احدي المرات تذكرنا اثناء حديثنا وعدنا الطفولي بتسمية ابنائنا و انفجرنا في الضحك طويلا ..فطيلة هذة الفترة الماضية لم نلحظ علي الاطلاق ان اطلاق اسامي "بسيمة" و "ابتسام" و "سرور" و "مسرّات" علي ابنائنا ستكون جريمة لا تغتفر في حقهم!!

Tuesday, October 07, 2008

من العذاب الوان!

من العذاب الوان!
كان شارعنا هادئا جدا لم تكن به سوي محلات قليلة "سوبر ماركت" و مكتبة و "بوتيك" يبيع تحف صغيرة و العاب اطفال..الآن لم تعد هناك مكتبة و لا بوتيك و لم يعد شارعنا بالهدوء الذي كان عليه..فمحل البوتيك اصبح سنترالا للاتصالات و كروت المحمول ..ثم ظهر في يوم ما احد اندية الجيم و رفع الاثقال و بعدها حل محل المكتبة جزار!
نعم فالمكتبة الآن لا تسمن و لا تغني صاحبها من جوع و كان مجيئ الجزار يوما يشهد له التاريخ لما فعله يوم الافتتاح! كان صاخبا للغاية و اتي ب "دي جي" مخصوص و احال ليل الشارع الي نهار فقررنا حينها ان نخرج و نعود في ساعة متأخرة حتي تنتهي الضوضاء ..لكنه كان اعد لنا مفاجأة باسمة فلقد قام بحفل افتتاح مرة اخري بعدها بأسبوع! و ذلك لانه لم يجد اقبالا علي محله كما توقع لان اللحمة اصبحت ترفيها هذة الايام فظن ان ذلك عيبا في حفل الافتتاح فأعاد الكرة مرة اخري لكنه قرر ان يجعل المنطقة باسرها تعرف بأمر متجره!..كالعادة البالون الذي يتلوي في صورة مستفزة و الدي جي الذي يضخم اغان لا حصر و لا عدد لها و بعد فترة قرر المحل ان يمتعنا بصوته العذب!
فحين فجأة وجدنا صوتا قويا من انكر الاصوات يخترق خصاص النافذة و زجاجها الذي لم يقاوم امام قوة صوته و انطلق في حالة فريدة من المتعة يشجينا بأغانِ لم نسمع عنها من قبل و لك ان تتخيل كيف يكون الامر حين يغني جزار!!
ينطلق من اغاني شعبان عبد الرحيم و يختم كل مقطع بال" إييييه"! المفضلة ثم ينتقل الي اغاني عبد الحليم حافظ و يكرر " قولوله ..قلولو له" و يكرر الكلمة كأنما اعجبته حتي تكاد تظن انه جن اخيرا جراء هذا الضجيج لكنه يعود و يبدأ اغنية فايزة احمد " التمر حنة" !!
..و مر الليل كله علي هذة الوتيرة حتي كدت ابكي غيظا و اتلصص علي ما يحدث في الشارع فأجد المارة يروحون و يجيئون كما هو معتاد و كأنه لا يحدث اي شيئ غريب ..البعض يستوقفه المشهد الغريب ثم يكمل طريقه و كأن كل هذا الضجيج لا يزعج احد سواي!.و تخيلت حينها مشهد فريد شوقي في فيلم " بداية و نهاية" عندما كان يغني بالإكراه و يجبر الجميع علي الاستماع لصوته تحت تهديد العنف!
انتصف الليل اخرا و بدأت بشائر اعتزال الجزار المطرب للغناء ..فقرر انهاء الحفلة بأغنية يبدو انه من قام بتلحينها و تأليفها كذلك ..كان احد المقاطع " حاشهدك يا زمان ..واوريك من العذاب الوان"!..ايقنت حينها انه يخاطبني انا بالذات بهذة الجملة و انه بالتأكيد يعني كل حرف فيها!..و بعدها هدأت الامور اخيرا و رحل الجميع و صار الجزار من مفردات شارعنا ..في كل مرة لا انسي تلك الليلة الموعودة كما اني لا انسي انه احتل محل المكتبة الاثيرة لتي كنت ابتاع منها الكشاكيل و الكتب الخرجية في الدراسة ثم ما وراء الطبيعة في الصيف ..لم يعد هناك مكان الآن للمكتبة او البوتيك الصغير ..رحلا كي يفسحا مكانا لثقافة العصر الجديد من كروت شحن و مستلزمات المحمول رغم اننا نزداد نفورا من بعضنا البعض كل يوم مع كل هذا التقدم في الاتصالات
..اصبح الآن العصر الذهبي للصخب و السوقية في كل شيئ ..في الكلام و الالفاظ و الغناء و مظاهر الاحتفال..بل اصبحنا الآن نتباري فيمن يستطيع السبق في ابداع سوقي جديد للفظة بذيئة او اغنية اكثر بذاءة..ورغم اننا تعودنا علي ذلك و باتت البذاءة و السوقية امر واقع إلا انه كلما ظننا ان الامر وصل الي قمته في السوء و لم يعد هناك اسوأمن ذلك تفاجئك العقليات المبتكرة بمزيد من الابتذال لتترحم علي ما كنت تنتقده سابقا!
يقال انه كلما ساء وضع الامة اقتصاديا و قوميا كلما ازدادت السوقية شراسة و تغولت اكثر لتنهار معها قيم اخلاقية جديدة ..وهذا الذي يدور الآن تطبيق حرفي لتلك النظرية و ربما يكون التطبيق الوحيد الذي اجدناه حقا لاحدي النظريات,,لكن المخيف حقا هو كيف سيكون الامر خلال سنوات قليلة قادمة وفقا للمعدل السريع المنحدر في الذوق العام و الخاص و ثقافة الاغاني الهابطة و التنافس في الابتذال الكلامي و الاخلاقي..فربما يصبح هذا الجزار مطربا شهيرا يتهافت عليه الناس و يذيقنا جميعا فعلا " من العذاب الوان" كما وعد!